وقال الباحث في مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات "باسم القاسم"، في تصريح خاص لمراسلة وكالة إرنا، حول عملية "طوفان الأقصى" ونتائجها: إن عملية "طوفان الأقصى" شكلت تحولا نوعيا في مسار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث أحدثت العملية صدمة كبيرة لدى المؤسستين الأمنية والسياسية الإسرائيلية، وصل صداها إلى أروقة البيت الأبيض، الراعي الرئيسي للكيان الصهيوني، والمسؤول عن ديمومة واستمرار هذا الكيان.
**ليس بمقدور الإسرائيليين والغربيين ترميم صورة الردع الإسرائيلي
وأضاف: لا يبدو أن بمقدور صانع القرار الإسرائيلي ومن وراءه من الإدارية الأمريكية والمنظومة الغربية، أن يعيدوا ترميم ما انكسر من صورة الردع التي كان يتباهى بها الجيش الإسرائيلي طوال السنوات والعقود الماضية.
وتابع قائلا: إن الجيش الإسرائيلي هو بمثابة "البقرة المقدسة" بالنسبة للولايات المتحدة؛ وهو العصا الغليظة في المنطقة التي يتم التلويح بها لمن تسول له نفسه الخروج من بيت الطاعة الأمريكي؛ ولذلك عندما تعلقت الأضرار بهذه المؤسسة رأينا ردة الفعل الأمريكية، التي تمثلت بتسخير الإمكانات العسكرية والمالية، وحشد الدول الغربية، في محاولة لإعادة التوازن والهيبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي هي درّة المشروع الصهيوني في المنطقة، وهي الناظم الرئيس لديمومة واستمرار هذا الكيان.
وصرح الباحث الفلسطيني أنه من الصعوبة حصر كافة النتائج والتداعيات التي انبثقت من عملية طوفان الأقصى، بسبب حالة السيولة التي ما تزال تعيشها تطورات هذه العملية، لكن عندما ينقشع غبار هذه المعركة سوف نعي حجم الضرر الذي لحق بهذا الكيان على المستويات الأمنية والاستراتيجية والسياسية.
وأوضح أن فعلى المستويين الأمني والاستراتيجي، تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يـقهر التي مثلت أحد أكبر الأوهام التي صدقتها شعوب المنطقة، والتي كرستها أنظمة تلك الدول المتخاذلة كحقيقة ثابتة لا يمكن المساس بها، والتي أصبحت جواز العبور إلى اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، باعتبار أن هذا الكيان الذي يملك أقوى جيوش المنطقة كما يروجوا، هو صمام الأمان لبقاء الأنظمة الفاسدة والمستبدة، التي لا تستند إلى مرجعية شعبية تؤهلها للبقاء في سدة الحكم لسنوات عديدة.
وأضاف: أن عملية طوفان الأقصى جاءت لتثبت أن شعوب المنطقة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني بمقدورها، عندما تمتلك الإرادة وأسباب القوة، مقارعة ومقاومة الاحتلال، وإنزال أقصى الضربات بمنظومته الأمنية والعسكرية من جهة، وأن الرهان على الكيان الإسرائيلي لضمان بقاء الأنظمة الفاسدة هو رهان خاسر من جهة أخرى.
وقال: أما على المستوى السياسي، فقد وجهت عملية طوفان الأقصى وما حققته من نجاحات واختراقات باهرة، ضربة قاصمة لمشروع صفقة القرن واتفاقيات التطبيع التي وُقعت في السنوات الماضية والتي كان يجرى التمهيد لضم دول جديدة إليها في الأشهر القادمة؛ فهذه العملية أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية محورية لا يمكن تجاهلها والقفز فوقها أو المتاجرة بها وتقديمها كقربان على مذبح التطبيع. كما أثبتت هذه العملية أن الرهان يجب أن يكون على مشروع المقاومة لنيل الحقوق والتحرر من نير الاحتلال، لا على مشاريع التسوية والاستسلام.
** إدانة الجريمة التي ارتكبها الاحتلال واجب على المنظمات الدولية
وقال القاسم حول واجب المنظمات الدولية تجاه جرائم الاحتلال وإدانة الجريمة الأخيرة التي ارتكبها الکیان الصهيوني: إن بالنسبة لدور المنظمات الدولية فيما يتعلق بجرائم الحرب والحصار والإبادة والاعتداءات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، فإن هناك مساران متوفران يمكن من خلالهما تحقيق نتائج مهمة لنيل الحقوق وردع الاحتلال أو تخفيف آثاره؛ المسار الأول والذي تستطيع المنظمات والمؤسسات الدولية التي تنضوي تحت منظمة الأمم المتحدة بما تملكه من إمكانيات أن تحدث تأثيراً رادعاً من خلاله لمنع الكيان الصهيوني من التمادي في جرائمه،
وأضاف: كما تستطيع المنظمات الدولية الأخرى أن تمارس تأثيرها للحد من التغول الإسرائيلي والإمعان في التقتيل وارتكاب المجازر بحق السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما المسار الثاني فهو يعتمد بشكل أساسي على إرادة وقرار السلطة الوطنية الفلسطينية إن كانت تريد تقديم شكاوى إلى محكمة العدل الدولي، لمقاضاة الكيان الصهيوني على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، والوصول بهذا الملف إلى نهايته أم أن الهدف هو توظيف هذا الملف من أجل التلويح به واستخدامه ورقة ضغط للمساومة وكوسيلة لإعادة مسار التسوية المتعطل إلى السكة من جديد.
**الصمت المطبق للدول الغربية تجاه جرائم الاحتلال
وقال الباحث الفلسطيني حول جرائم حربية في غزة والصمت المطبق للدول الغربية تجاه هذه الجرائم: إن ما نراه اليوم من تعامي الدول الغربية عن الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، يعكس الصورة العنصرية الحقيقية المتجذرة في هذه الدول التي تتشدق بحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بمجتمعاتها وبالكيان الصهيوني، أما إذا كانت الشعوب الأخرى وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني من يتعرض للجرائم والانتهاكات فيتم التغاضي عنها وتصبح مسألة فيها نظر.
وأضاف: أن لا ننتظر من هذه الدول أن تكون مطبقة وحارسة لحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالدول والشعوب الأخرى؛ فهذه الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تلطخت أيديها بدماء الشعوب التي استعمرتها ردحاً من الزمن، والولايات المتحدة نفسها قامت بعد أن أبادت الهنود الحمر السكان الأصليين للبلاد، وبالمثل أقام الصهاينة كيانهم بعد أن جزّروا بالشعب الفلسطيني وهجروه.
**ازدواجية المعايير عند الغربيين
وقال القاسم بشأن احتلال روسيا لأوكرانيا وفي نفس الوقت احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين منذ أكثر من 7 عقود وإزدواجية المعايير عند الغربيين: إن نستطيع رؤية ازدواجية المعايير عند الغربيين في الحالتين الأوكرانية والفلسطينية بكل سهولة وبدون أي عناء، ففي الحالة الأوكرانية نرى الاصطفاف الغربي في دعم الأوكرانيين عسكريا وماديا وإعلامياً في وجه ما يُسمونه احتلال روسي للأراضي الأوكرانية، أما في الحالة الفلسطينية فهم يُحرِّمون على الفلسطينيين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ويسِمونهم بالإرهاب ويعاقبون كل من يقدم لهم الدعم سواء كان مادياً أم معنوياً، بل ويقدمون الدعم المادي والمعنوي للمُحتل الإسرائيلي.
**واجب الدول الإسلامية تجاه جرائم الصهاينة الأخيرة في غزة
وقال الباحث الفلسطيني بشأن واجب الدول الإسلامية تجاه جرائم الصهيانية الأخيرة على غزة: إن على الدول العربية والإسلامية، خصوصا المطبعة منها، أن تدرك أن المستقبل لن يكون لهذا الكيان الهش والدخيل على المنطقة، والذي بدأنا نرى ونتلمس هشاشته وزيف قوته خلال عملية طوفان الأقصى، إن الرهان على هذا الكيان رهان خاسر.
وأضاف: أن على الأنظمة العربية والإسلامية أن تعبر عن رغبات وتطلعات شعوبها التي قطعا تقف إلى جانب الحق الفلسطيني، والتي تتحيز الفرص لكي تنخرط في مقاومة هذا الاحتلال الصهيوني، وتدفيعه ثمن جرائمه واعتداءاته بحق الشعب الفلسطيني. إن واجب الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية أن تقدم الدعم والنصرة للشعب الفلسطيني كي يتحرر من نير الاحتلال الإسرائيلي، وكي ترتاح الأمة من هذه الغدة السرطانية التي تسمى "إسرائيل".
انتهى**3276
تعليقك